الدرس 12: الحركة الوطنية المغربية

المقدمة:

فرضت فرنسا حمايتها على المغرب الأقصى سنة 1912 أما إسبانيا فقد احتلت منطقة الريف الواقعة شماله وقد كانت ثورة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي من أبرز مظاهر مقاومة الاستعمار لكنها فشلت في اجلاء المحتلين عن أرضهم ولم تتحول هذه المقاومة المسلحة إلى مقاومة سياسية إلا بعد الحرب العالمية الأولى حيث نظم الوطنيون أنشطتهم وحددوا مطالبهم من السلط الاستعمارية وقد أوجدت الحرب العالمية الثانية ظرفية جديدة عالمية ووطنية دفعتهم لتغيير طريقة كفاحهم للاستعمار. فما هي هذه الظرفية الجديدة؟ وكيف سيتمكن المغرب الأقصى من الحصول على استقلاله؟

I- الظروف الملائمة للنشاط الوطني خلال الحرب العالمية الثانية:

1. تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب الأقصى خلال الحرب العالمية الثانية:

- تسبب الجفاف خلال أغلب سنوات الحرب العالمية الثانية في المغرب الأقصى في انهيار الانتاج الفلاحي وخاصة الحبوب إلى ما بين الثلث والخمس فأصبحت الكميات المنتجة غير كافية لسد حاجيات كل السكان.

- انتشار مظاهر الفقر والجوع في الأرياف وفي المدن وتكاثر عدد النازحين إلى المدن الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش وفاس حيث يتم تقاسم ما يتيسر من المواد الغذائية الذي قد لا يكفي لسد الرمق.

كانت هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتردية حافزا للالتفاف حول الوطنيين للمطالبة بتحسين أوضاعهم.

2. ظرفية عالمية ملائمة للعمل الوطني:

كانت الظرفية العالمية خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها ملائمة لتنشيط الحركة الوطنية في المغرب الأقصى وخاصة منها:

- هزيمة فرنسا أمام ألمانيا في بداية الحرب(1940) واستعانتها بالإنقليز وخاصة الأمريكيين الذين قاموا بعمليات انزال على سواحل المغرب والجزائر.

- مقابلة ملك المغرب محمد الخامس للرئيس الأمريكي روزفلت سنة 1943 والوعود التي تلقاها بالسعي لإقناع فرنسا بالتخلي عن سياستها الاستعمارية.

- تعدد مؤشرات قرب نهاية الحرب وضرورة الاستعداد للتفاوض مع فرنسا واسبانيا بخصوص الاستقلال.

II- تجذر النشاط الوطني بين 1943 و1953:

1. تأسيس حزب الاستقلال:

- مع نهاية سنة 1943 لم تتغير أوضاع المغرب الأقصى ولم يتدخل الأمريكيون لمساعدتهم لأنهم لم يحدثوا أي ضغط على السلط الاستعمارية لذلك قرروا التحرك لإيصال صوتهم للهيآت العالمية التي يمكن أن تساندهم وللانطلاق في تحقيق هذا الهدف تم تأسيس حزب الاستقلال من عناصر متنوعة الانتماءات السياسية مثل محمد بن الحسن الوزاني وأحمد بلافيريج ومحمد اليزيدي وغيرهم من الشخصيات البارزة في الحركة الوطنية.

- تم تقديم بيان حزب الاستقلال للملك محمد الخامس يوم 11 جانفي 1944 إلى جانب المقيم العام والمفوضية الأمريكية والإنقليزية بالمغرب وهو يحصر مطالبه في الاستقلال التام وتحميل الملك محمد الخامس مسؤولية تحقيق هذا الهدف بإجراء الاتصالات مع كل الأطراف المؤثرة عالميا.

2. دعم بيان حزب الاستقلال:

لقي بيان حزب الاستقلال دعما واسعا من 3 أطراف:

- حزب الاصلاح الوطني بقيادة عبد الخالق الطريس الذي ينشط شمال المغرب الأقصى والذي ضم صوته لحزب الاستقلال حتى يتم توحيد كامل التراب المغربي تحت راية واحدة.

- دعم كامل للشعب المغربي للتحركات التي يقوم بها حزب الاستقلال وحزب الاصلاح الوطني باعتبار الاستقلال التام غاية كافح من أجلها المغاربة منذ ثورة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي.

- كان التفاف الشعب والأحزاب السياسية حوله حافزا هاما للملك محمد الخامس على اتخاذ الاجراءات المناسبة لتحقيق هذا المطلب الشعبي رغم تصلب موقف فرنسا ورفضها لأي حوار أو تفاوض ومنعها لأي نشاط سياسي فقد كرر مطالبته فرنسا بمراجعة نظام الحماية الذي تفرضه على مملكته وأكد هذا الموقف خلال زيارته لفرنسا في أكتوبر سنة 1950.

لم يقنع هذا التضامن المغربي فرنسا وإسبانيا على منح المغرب استقلاله فغير وجهة مطالبه نحو الهيئات العالمية.

3. التعريف بالقضية المغربية في الخارج:

لجأ المغاربة إلى كل المنابر لإبلاغ صوتهم المطالب بالحرية :

- ففي مصر كان" مكتب تحرير المغرب العربي" بقيادة علال الفاسي وعبد الكريم الخطابي يتحركان في اتجاه كسب مواقف كل من الجامعة العربية إلى جانب العديد من دول أمريكا اللاتينية التي زارها علال الفاسي لنفس هذا الغرض وخاصة دعم القضية المغربية عند عرضها على منظمة الأمم المتحدة.

- في 19 ديسمبر 1952 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا ينص على ضرورة دخول فرنسا في سياسة التفاوض مع المملكة المغربية قصد منحها استقلالها التام.

III- الثورة المسلحة وحصول المغرب الأقصى على استقلاله:

1. تصلب السياسة الفرنسية:

لم تعمل فرنسا بنصيحة الجمعية العامة للأمم المتحدة بل سلكت سياسة مغايرة:

- عينت مقيمين عامين الأول الجنرال جوان بين ماي 1947 وسبتمبر 1951 والثاني الجنرال غيوم بين سبتمبر 1951 وجوان 1955 وقد سلك كلاهما سياسة تعسفية تجاه الوطنيين المغاربة ومسانديهم من أعلى السلطة إلى عامة الناس.

- ولئن فشل الجنرال جوان في تأليب بعض أنصار فرنسا بقيادة التهامي القلاوي أحد أعيان مراكش فإن الجنرال غيوم تجرأ على اقتحام قصر محمد الخامس واعتقاله وأسرته يوم 20 أوت 1953 ونفيهم إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر.

- لقد استغل الوطنيون اغتيال فرحات حشاد النقابي التونسي يوم 5 ديسمبر 1952 للدخول في اضراب واجهته فرنسا بتعسف كبير تسبب في مقتل 4000 من المتظاهرين واعتقال الوطنيين من السياسيين والنقابيين ومحاكمتهم والضغط على الملك محمد الخامس لاستنكار تلك التحركات والتملص من أنشطة حزب الاستقلال وأمام رفضه تم اعتقاله ونفيه.

2. المقاومة المسلحة:

منذ أحداث ديسمبر 1952 وخاصة خلع الملك محمد الخامس ونفيه اصبحت المقاومة الشعبية المسلحة ضرورية:

- التعرض لكل من يمثل السلطة الفرنسية من جيش وشرطة.

- استهداف المتعاونين مع الفرنسيين من المغاربة بمحاولة اغتيالهم مثل الملك محمد بن عرفة الذي نصبته فرنسا والتهامي القلاوي الذي حاول الانقلاب على محمد الخامس .

- استهداف ممتلكات المعمرين الفرنسيين.

- استهداف المنشآت العامة مثل دور المسرح والسينما .

- تخريب بعض المواقع من شبكات السكك الحديدية والهاتف وغيرها.

- مقاطعة البضائع الفرنسية.

تضرر كل مصالح فرنسا في المغرب الأقصى فكان دافعا لها للدخول في مفاوضات مع الملك محمد الخامس.

3. المفاوضات والاستقلال:

- لم تكن مطالب الاستقلال ترفع في وجه فرنسا في المغرب الأقصى فقط فالفيتناميون كسبوا معركة ديان بيان فو في ماي 1954 والجزائريون أشعلوا الثورة المسلحة في نوفمبر 1954 وتحركات التونسيين أفضت إلى منحهم الاستقلال الداخلي في جوان 1955 وفيهم من كان يطالب بالاستقلال التام.

- منذ نوفمبر 1955 انطلقت فرنسا في مفاوضاتها مع الملك المخلوع محمد الخامس قصد إعادته إلى السلطة ومنح المغرب الأقصى استقلاله التام.

- وفي ديسمبر 1955 تم تشكيل حكومة تفاوضية مغربية تحت اشراف الملك محمد الخامس تولت انهاء مفاوضات الاستقلال.

- وفي 2 مارس 1956 قررت فرنسا انهاء حمايتها للمغرب الأقصى وتبعتها إسبانيا في أفريل مع الاحتفاظ بمدينتي سبتة ومليلة في أقصى الشمال.

الخاتمة :

لقد كان المغرب الأقصى آخر دول المغرب التي تم احتلالها وأولى الدول التي تحصلت على استقلالها فرنسا من لكنها مرت بنفس المراحل التي عرفتها بقية دول المغرب من مطالبة سلمية بالاستقلال وتعسف استعماري ومقاومة مسلحة وإن كانت أكثر شدة وضراوة في الجزائر. فما هي السياسة التي سلكها المغرب الأقصى لبناء اقتصاده ومجتمعه؟


دروس الجغرافيا

- الدرس 1: الوسط الطّبيعي بالمغرب العربي المزايا والضغوطات


- الدرس 2: الموارد الطّبيعيّة بالمغرب العربي


- الدرس 3: السكان والتنمية البشرية بالمغرب العربي


- الدرس 4: التنمية الاقتصادية بالمغرب العربي


- الدرس 5 : السكّان بالبلاد التونسيّة


- الدرس 6: التنمية الفلاحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 7: التنمية الصناعيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 8: التنمية السّياحيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 9: تنمية التجارة الخارجيّة بالبلاد التونسيّة


- الدرس 10: حصيلة التنمية بالبلاد التونسية